وضعت السماعة على صدرها فجاءت ضربات القلب مطمئنة ....
نظرت نحو الممرضة مستفسراً ، الضغط ودرجة الحرارة طبيعيان ، كان جوابها ....
أخذت أقلب الملف الطبي: المريضة في العقد الثالث من عمرها ، نتائج الفحوصات والتحاليل لم تظهر بعد ، لكن الحالة مستقرة ؛ الحمدلله ....
هممت بالخروج ، لكن صوت المريضة الغاضب جعلني التفت إليها ، قالت في تذمر : متى تنتهون من الفحوصات ؟، لقد سئمت ...
اصبري واحتسبي ... قريباً إن شاء الله تعودين إلى دارك .....
بين غرف المرضى أتنقل ، فهنا مريض في غيبوبة ، وآخر يئن تحت وطأة الألم ، وآخر لاترى منه سوى الأجهزة التي استقرت في أنحاء جسده .....
دكتور ... دكتور ... صوت قادم من ورائي ...
ألتفت ، وقفت الممرضة وقالت : المريضة في حالة حرجة ....
أسرعت نحو المريضة ....
دخلت الغرفة ، نظرت إلى الأجهزة ....
هبوط حاد في الضغط ودرجة الحرارة ، ضربات القلب بدأت تضعف وتضعف ....
حشرجة في صدرها ، الأنفاس تتصاعد بسرعة ....
إنّا لله وإنّا إليه راجعون .... إنها اللحظات الأخيرة .....
اقتربت منها ورحت أردد : لا إله إلا الله ، لا إله إلا الله .....
دعوت الله أن يوفقها لتنطق بها ، لتموت عليها وتبعث عليها .....
اطرقت بسمعي وصوبت بصري ، انتظرت أن تردد معي ، لكنها لم تستجب ....
اقتربت منها أكثر وأكثر ، وضعت فمي قريباً من أذنها ، هتفت : لا إله إلا الله ، لا إله إلا الله.....
ترقب وانتظار كانت ثواني ولكنها تمر بطيئة جداً .....
خشخشة تنبعث من صدرها ، صوت قادم من أعماقها .....
الآن ... ستتحرر الكلمات وتنطلق لا إله إلا الله .....
انفرجت شفتيها ، تحرك لسانها ، انبعث صوت ضعيف لم اتبين ما تقول ....
شعرت بالفرح وأنصت أكثر ....
ارتفع الصوت أكثر ..... وانطلقت الكلمات المتعثرة .....
وياليتها ما نطقت ، ياليتها ماتت قبل أن تنطق بها
أظلمت الدنيا في عيني ، و أطبقت بيدي على أذني .....
شخصت عيناها إلى السماء ، توقف كل شيء حي فيها .....
لقد فارقت الحياة ....
وكان أخر كلامها : ( مقطع من أغنية )
(الله ثبتنا بالقول الثابت في الدنيا والاخرة)آآآميـــــــــــــــــــــــــــــــــــــن
م
ن
ق
و
ل