•~-.¸¸,.-~* ((ذالك هو سبب خروجى من البصره))•~-.¸¸,.-~*

•~-.¸¸,.-~* ((ذالك هو سبب خروجى من البصره))•~-.¸¸,.-~*

كان سبب خروجي من البصرة أني مررت بسوق النخاسين يوماً، فرأيت غلاماً ينادى عليه، وقد بلغ ثلاثين ديناراً، وهو يساوي ثلاثمئة دينار فاشتريته، وكنت أبني داراً، فدفعت إليه عشرين ديناراً على أن ينفقها على الصناع، فجاءني بعد أيام يسيرة، فقال: قد نفدت النفقة، قلت: هات حسابك، فرفع حساباً بعشرة دنانير، قلت: فأين الباقي؟ قال: اشتريت به ثوباً مصمتاً وقطعته - أي قطعة قماش جعلها ثوباً - قلت: من أَمَرك بهذا؟ قال: يا مولاي لا تعجل، فإن أهل المروءات لا يعيبون على غلمانهم إذا فعلوا فعلاً يعود بالزّيْن على مواليهم، فقلت في نفسي: أنا اشتريت الأصمعي، ولم أعلم.‏
أبو العيناء يريد الزواج سراً!‏
ويتابع أبو العيناء حديثه عن ذلك الغلام الذي اشتراه قائلاً: وكانت في نفسي امرأة أردت أن أتزوجها سراً من ابنة عمي - أي: زوجته - فقلت له يوماً: أفيك خير؟ قال: أي لعمري! فأطلعته على الخبر، فقال: أنا نعم العون لك، فتزوجت ودفعت إليه ديناراً وقلت: - اشتر لنا كذا وكذا، ويكون فيما تشتريه سمك «هازبي» - وهو نوع من أنواع السمك - فمضى ورجع، وقد اشترى ما أوردت إلا أنه اشترى سمكاً «مارماهي» - وهذا نوع آخر من السمك هو الحنكليس بالفارسية - فغاظني، فقلت: ألم آمرك أن تشتري «هازبي»؟ قال: بلى، ولكني رأيت بقراط يقول إن «الهازبي» يولّد السوداء، ويصف «المارماهي» ويقول: إنه أقل غائلة - أي: أذى - فقلت: أنا لم أعلم أني اشتريت جالينوس، وقمت إليه وضربته عشر مقارع، فلما فرغت من ضربه، أخذني وأخذ المقرعة، وضربني سبع مقارع، وقال: يا مولاي الأدب ثلاث، والسبع فضل - أي إن أبا العيناء ضربه سبع ضربات زائدة عن الحد - ولذلك، يقول الغلام، قصاص، فضربتك هذه السبع خوفاً عليك من القصاص يوم القيامة.‏
قال أبو العيناء: فغاظني جداً، فرميته فشججته، فمضى من وقته إلى ابنة عمي، فقال لها:‏
يا مولاتي، الدين النصيحة، وقد قال النبي_: من غشنا فليس منا، وأنا أعلمك أن مولاي قد تزوج واستكتمني، فلما قلت له: لابد من إعلام مولاتي ضربني بالمقارع وشجني.‏
وينتهي أبو العيناء إلى القول: فمنعتني ابنة عمي من دخول الدار، وحالت بيني وبين ما فيها، فلم أر الأمر يصلح إلا بأن طلقت المرأة التي تزوجتها.‏
ثم إن أبا العيناء كره أن يحدث هذا الغلام فأعتقه، وعندئذ أخبره بأنه يريد الحج فجهزه وزوده.. لعله يرتاح نهائياً من رؤيته.. فلم يلبث أن عاد بعد عشرين يوماً قائلاً: إن طريق الحج قد قطع.‏
وطلب الغلام تجهيزه للغزو.. فلم يكد يغيب حتى باع أبو العيناء كل ما يملك في البصرة من عقار وغيره.. وخرج عنها خوفاً من أن يرجع