إطالة الجلوس.. تقلل عمر الإنسان
تؤدي إلى زيادة مستوى سكّر الدم وانخفاض مستوى الكولسترول الحميد
على مدى عقود كثيرة من السنين تعرف الباحثون على روابط قوية بين نمط الحياة الخامل وجملة من الأمراض المزمنة، ومنها: أمراض القلب، سرطانا القولون والثدي، مرض السكري، هشاشة العظام، القلق، والكآبة.
ولم تركز الدراسات إلا مؤخرا على جانب ضار من الخمول، وهو الجلوس. وتدق نتائج دراسة جديدة أجراس الخطر وتنادي الناس وتحثهم على التخلي عن عادة الجلوس على كراسيهم لأن الجلوس يزيد من مخاطر الوفاة.
هذا ما جاء في الدراسة التي أجراها باحثون في جمعية السرطان الأميركية ونشرت في المجلة الأميركية لعلوم الأوبئة (15 أغسطس «آب» 2010). وكان الباحثون قد اختاروا 53 ألفا و440 رجلا 9 ألفا و776 امرأة، في عام 1992، كانوا كلهم أصحاء عموما، وكانوا منخرطين في دراسة «الوقاية من السرطان - 2 لجمعية السرطان الأميركية». وقد أجاب المشاركون على استبيانات سنوية حول نشاطاتهم اليومية التي تتضمن الوقت الذي أنفقوه في الجلوس، وكذلك شدة نشاطاتهم ومدتها أثناء فترات استراحتهم. كما قدم المشاركون أيضا معلومات عن التدخين، الوزن، تناول السعرات الحرارية يوميا، وتناول المشروبات الكحولية.
وعلى مدى 14 سنة من المتابعة ظهر أن خطر الوفاة ازداد بنسبة 37 في المائة لدى النساء اللواتي قضين 6 ساعات أو أكثر يوميا في الجلوس، مقارنة بالنساء اللواتي أمضين 3 ساعات أو أقل في الجلوس. وكان هذا الخطر المتزايد مستقلا عن العوامل الأخرى المؤثرة على الصحة التي تشمل مقدار التمارين الرياضية التي مارستها النساء. وعندما أخذت كل النشاطات بعين الاعتبار، ظهر أن احتمال حدوث الوفاة لدى النساء اللواتي جلسن لفترات أطول ومارسن الرياضة أقل، كان - في الغالب - أكثر بمقدار مرتين تقريبا، مقارنة بحدوث الوفاة لدى النساء اللواتي كن الأقل جلوسا والأكثر ممارسة للرياضة.
* تأثير الجلوس المتواصل
* وقد عززت سلسلة من الدراسات الأسترالية التي درست تأثير فترات مشاهدة التلفزيون، بوصفها مقترنة مع فترة الجلوس، على صحة النساء، نتائج دراسة جمعية السرطان الأميركية هذه. وقد أظهرت تلك الدراسات أن ازدياد فترة الجلوس ارتبطت بزيادة ضغط الدم ومستويات الغلوكوز أثناء الصيام، وارتفاع مصل الشحوم الثلاثية وزيادة مقياس خصر البطن، وتدني مستوى الكولسترول العالي الكثافة «HDL» (الحميد). وكانت النتائج صحيحة حتى لحالات النساء اللواتي مارسن الرياضة بانتظام، إلا أنهن جلسن لفترة طويلة أمام التلفزيون.
وعلى العكس من ذلك فإن عاشقات التلفزيون النشطات اللواتي نهضن تكرارا بين فترة وأخرى من أماكن جلوسهن كن يتمتعن بمستويات أقل من الغلوكوز وكان مقياس الخصر لديهن أقل مقارنة بالنساء الخاملات.
إن أحد التفسيرات لتأثير الجلوس المتواصل هو أنه يعمل على ارتخاء العضلات الكبيرة. وهو أمر غير مفيد، لأن انقباض العضلات يؤدي إلى ازدياد استهلاك الغلوكوز ويحفز على إفراز إنزيم «lipoprotein lipase» الذي يقوم بالتمثيل الغذائي للشحوم الثلاثية ويقوم بصنع الكولسترول العالي الكثافة (الحميد). ولذا تزداد مستويات الغلوكوز والشحوم الثلاثية وينخفض مستوى الكولسترول الحميد، عند الجلوس. إلا أن هناك حاجة إلى أبحاث أكثر لتحديد مقدار النشاط اللازم لتعويض تأثير الجلوس. ومع هذا وفي الوقت الراهن، حاول أن تعالج نفسك بممارسة التمارين الرياضية بانتظام، مع تكرار النهوض من أماكن الجلوس لدى مشاهدة برامج التلفزيون أو أثناء استخدام الكومبيوتر، إضافة إلى ممارسة المشي أو ركوب الدراجة الهوائية بدلا من قيادة السيارة.