هلا
كيفكم
بداية الطريق
التوبة هي العودة.. والتائب إلى ربه هو العائد إليه.. وهي أول منازل الإيمان وأوسطها وآخرها.. فلا تفارق التوبة العبد السائر إلى ربه حتى الممات.
قال تعالى: {وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [النور:31].
فالأمر لجميع المؤمنين من الله سبحانه وتعالى بالتوبة.. وبالتوبة فقط يفلح المؤمن.
أقسام الناس:
والناس قسمين:
إما تائب.. وإما ظالم
فقد قال تعالى: {وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} [الحجرات:11].
فقسم سبحانه وتعالى العباد إلى هذين الصنفين
تائب.. أو ظالم
وليس هناك خيار ثالث
فهيا أخي نتعلم التوبة إلى الله
مما نتوب؟!
وقد تسأل نفسك.. ومما نتوب؟ أنا بفضل الله لا أعمل الذنب.. وأجتهد دائماً أن أكون من الصالحين..
وأقول لك أخي..
إن خير البشر محمدصلى الله عليه وسلم وهو من غُفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر كان يتوب إلى الله كل يوم.
فقد قال صلى الله عليه وسلم: «يا أيها الناس توبوا إلى الله، فوالله إني لأتوب إليه في اليوم أكثر من سبعين مرة» [صحيح].
أفعال تستحق التوبة
من منا لم تقع عينه على ما حرم الله في يوم من الأيام؟
من منا لم يغتب مسلم أو يستهزئ به في حياته؟
من منا لم يتأخر عن الصلاة ويتكاسل عن أدائها في وقتها يوماً من الأيام؟
من منا لم يخلف وعداً أو يكذب يوماً؟
من منا لم يغتر بطاعته ويفرح بها يوماً من الأيام؟
هذه الأشياء وغيرها,, من منا لم يقترفها أو جزء منها!!
أوليست تلك الأفعال تستحق التوبة؟
شروط التوبة
للتوبة ثلاث شروط..
ندم، وإقلاع، وعزم.. ولا تصح التوبة إلا بهم...
فالندم..
يقصد به أن تستشعر الخطأ والذنب والحسرة على فعل المعصية.. فمن لم يشعر ذلك فلا توبة له.
والإقلاع..
معناه الامتناع عن تكرار الذنب وعدم إتيانه مرة أخرى.. فلا توبة مع تكرار الذنب مرة بعد مرة وأنت راضٍ عن ذلك.
والعزم..
هو الرغبة الشديدة في عدم العودة إلى الذنب مرة أخرى.. ويعتمد في الأصل على الإخلاص فمن كانت توبته لله خالصة.. كان عزمه صادقاً.
انتبه..
هذه الشروط الثلاثة في حالة كون الذنب في حق الله.. أما إن كان الذنب في حق عبد من عباد الله فيضاف شرط رابع وهو: رد المظالم إلى أهلها.
كرد دين أو أمانة.. أو ذكره بصالح كما ذكرته بسيء.. أو استسماحه وطلب مرضاته..
التوبة النصوح
التوبة النصوح هي التوبة التي تخلصها من كل غش ونقص وفساد..
والنصح في التوبة يتضمن ثلاثة أشياء:
أولاً: أن تتوب من كل الذنوب بكل أنواعها.. فلا تتوب من الكذب وأنت تطلق بصرك في الحرام.
فهذا مما تتوب منه
ثانياً: أن يملأ نفس التائب رغبة جامحة وعزيمة صادقة في التوبة بحيث لا يبقى عنده تردد ولا انتظار بل يجمع ويبادر دون انتظار.
وهذا في ذات التائب
ثالثاً: أن تكون خالصة لوجه الله.. منبعها خوف الله وخشيته والرغبة في رضاه وعفوه وألا تكون خوف من سخط الناس أو طلباً لرضا البشر.
وهذا فيمن تتوب إليه
واعلم أخي أن:
توبة العبد إلى الله محفوفة بتوبة من الله عليه قبلها وتوبة منه بعدها..
فمن أحبه الله واصطفاه رغَّبه في التوبة
وحسنها في قلبه.. فتاب العبد وندم واستقام..
فتقبل الله منه توبته ورضا عنه.
فرح الله بالتائبين
أشد ما يُفرح الله.. هو أن يعود إليه عبده..
ولذلك في الحديث: «إن الله تعالى يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل حنى تطلع الشمس من مغربها» [واه مسلم].
أخي..
إلى متى الجفاء والبعد.. وربك ينادي عليك؟
إلى متى الهروب من الله.. والله هو الأمان لك؟
حتى متى تشعر بالوحشة في قرب الله.. والأنس كل الأنس في جنب الله..
لابد من الذنوب
إياك أن تقول: أنا سيء.. أنا ربي غضبان عليّ.. لن أستطيع أن أتوب.. عليّ ذنوب كثيرة..
أوما علمت أن الله ما خلقك إلا لتعصاه ثم تتوب إليه..
أوما علمت أن التوبة ما خُلقت إلا لتمحو المعصية..
أوما علمت أن صفة الرحمن لن تكون إلا بأن نعصي الله ثم نتوب إليه فيرحمنا بتوبته.
قال صل الله عليه وسلم: «لو لم تذنبون لذهب الله بكم، ولجاء بقوم يذنبون ثم يستغفرون فيغفر لهم» [رواه مسلم].
علامات صحة التوبة
ليس كل من استغفر باللسان من التائبين..
ولكن..
للتوبة الصحيحة علامات فابحث في توبتك عن هذه العلامات لترى أين توبتك من الله.
* أن تكوت بعد التوبة خير من قبلها.
* أن يلازمك الندم والحسرة عما اقترفت من الذنوب في حق نفسك وحق ربك.
* أن يصاحبها كسرة في القلب.. وهذه الكسرة لا تكون إلا للتائبين.. ولا يعرف وصفها إلا من عرف التوبة.
* ألا تنسى ذنبك الذي سترك الله منه، وأن يكون ذكرك لذنبك ذكر عمل وقرب من الله لا ذكر يأس وإحباط وقنوط.
قالوا عن التوبة
هذه الكلمات هي بعض ما قاله الصالحون عن التوبة..
تفهمها وتدبرها جيداً
الحسن البصري:
هي أن يكون العبد نادماً على ما مضى مجمعاً على أن لا يعود إليه.
الكلبي:
أن يستغفر باللسان ويندم بالقلب ويمسك بالبدن.
الجنيد:
التوبة النصوح هي أن ينسى الذنب فلا يذكره أبداً، أن من صحت توبته صار محباً لله ومن أحب الله نسى ما دون الله.