*·~-.¸¸,.-~*صدفة... بين الارضِ والسماء*·~-.¸¸,.-~*
ركبت الطائرة .... وضعت حقيبتي في المكان المخصص
التفتت اذا بمرأة مع اطفالها .... تحاول ترتيب جلوس اطفالها
في المقعدين امامي
وقف الطفل امامي بعد ان وقف على كرسيه عمره قد يكون اربع سنوات
وقال: ( هذه طيارتنا)... متفاخرا
قلت له: (لاطيارتنا)......مازحا
التفتت بسرعه لي من بين المقعدين الذين تجلس فيهما
واذا عيني بعينها....!؟
سارت الدماء في عروقي بسرعه حتى وصلت لاعلى رأسي
احسست بصداع المه في قلبي ....
صب العرق من اطراف شعري....ومسحته
وامسكت بعرق عيني....مجبرا
عينها....التفت بسرعه وعادت تنظر لجيب مقعد امامها
تلك هي عين لم ارها مذ ثمان سنين
هي عينها كم بكت على وبكيت من اجلها
ارتبكت ....وسكتت فقط سمعت صوت اصابعها عندما تضغط بيدها على الاخرى
يديها ..... كم صافحتها لقاءً
ووحيدة كانت مصافحة الوداع
امعنت النظر في وجه طفلها
انها ملامحها
انفها وشفتها
وضحكتها البريئة
كان يتكلم وانا ابتسم له ولا اعلم ماذا يقول...؟
تركته
يحادثني
لم تنهه عن فعله
جاء بجانبي ...رجل كبير في السن يتنهد
سلم علي ولم ارد السلام
رفع صوته وكرر السلام
رديت : وعليكم السلام
قال لي: ( الظاهر انك خايف من الطيارة)
ابتسمت...وسكتت
وسكت
قال للطفل.... كم تمنيت ان يكون من صلبي:
(بابا اجلس..الحين تطير الطيارة وتطيح اجلس يابابا)
خجل الطفل وانزل رأسه
وامسكته امه من قميصه وقالت له : اجلس
اخوهـ ينهرة يبدو اكبر منه بعام .. لا يشبهها اطلاقاً: ( ليه ماتقعد؟)
تذمر الصغير وقال : (يمّـــه شوفيه)
لم تعطي الام اي اهتمام بما جرى وقالت : (خلاص...بس اجلس وساسرته بحديث لم اسمعه)
كان الناس يبحثون عن مقاعدهم ويمرون واعينهم على ارقام المقاعد وحروفها الانكليزية والمضيفه فقط تشير عليهم باتجاهات مختلفه
اقلعت قبل الطائرة بفكري..... ولكن للماضي
لااعلم لماذا تذكرت اول لقاء بيننا بجوار سوق (المعيقيلة)
على ذلك الكرسي حسب الاتفاق بجانب عمود النور الاسود
اذكر اني وقفت امام الشجرة تحديتها قاصدا واخرجت علبة السجائر من جيبي
واوقدت السيجارة البيضاء متعمدا ونفخت الدخان في السماء
اتذكر ان تعليقها على الموقف انها اُ عجبت بذلك التحدي
خاصه وانها كانت تصر على بترك هذه العاده السيئة
اقلعت طائرة فكري مرة اخرى
لتلك الليلة الباردة في اول ايام أختبارات عام 1417
كان اختبار جزء عم ولم اكن احفظ سورة النازعات
فأصرت ان احفضها الان نصف ساعه فقط استغرق حفظي لها
استغربت من نفسي حينها
لم اكن استطيع الحفظ
علمت بعد انتهاء الاختبارات انها خُطبت بتلك الايام ولم تكن تريد اخباري
خوفا على نتائج اختباراتي
ازدحمت دموعي في عيني وارادت الهروب من جفوني لخدي فعاقبتها
باعدامها باوسط سيف سبابتي
(انت يا ولد... اكلمك انا من اليوم وراك ماترد!؟)
هبط بي صوت هذا الرجل القابع بجانبي لواقع تمنيته مرارا كم التفتت على نساء كثير كطولها وكمشيتها ضناًً مني انها هيَ.....
صدفه تمنيتها كثيراً ..... اعيشها االآن واقعاً .... صدفه اعرقت يداي كثيراً
واربكت شفتاي
(ماعليش بس كنت سرحان شوي)
قلتها
للرجل والتفت مرة اخرى لما بين المقعدين فاذا بعينها تتلفت تجاهي وتحادث
ابنها الغاضب....غضت بعينها مرة اخرى لولدها وقالت: (ها)
قال لي الرجل: (لايكون خسران انت بعد بالاسهم)
قلت متمتما : (لا والله خسران بشي اكبر من الاسهم)
قال : (سم)
قلت رافعا صوتي: (ايه يابوي....بالحيل)
اخذ يتكلم ناصحاً وسارداً على تجارب ابناءة في الاسهم
وانه نصحهم ولم يستجيبوا له وهاهم نادمون
... وانا احاول ان اقلع مرة اخرى بفكرى لمطار آخر واراقب تحركات تلك الوردة المقطوفه امامي...تحادث ابنها وتهدي الآخر
لم يسكت ذلك الرجل الا طلة راس ابنها من مقعده وسؤاله لي: (انت ماعندك اولاد....ليه ماتجيبهم معاك)
رديت عليه: (ماعندي)
فاجاني بسؤال اعلم انها تمنت لو سالته: (ليه ماعندك اولاد)
قلت: (ماتزوجت)
قال : (اها .... وليه ماتتزوج)
قلت : (اذا تزوجت انت .. وجبت بنت حلوة تشبهك بخطبها منك...تزوجني؟)
قال: ( لا.... انت كبير وهي صغيرة شلون تتزوجها؟)
قلت : ( عادي انا ما اكبر)
قال : (خلاص)
اعلم ان امه كانت تسترق السمع
ضحك الرجل بجانبي وقال للطفل: ( ماتزوجني انا)
قال الطفل: (لا ....ليه انت بعد مو متزوج)
قال الرجل: ( الا .... بس ابي ثانيه)
قال الطفل: (لاوالله حرام عليك....بعد تبي تسوي انت مثل ابوي)
كانت
جملته عفوية جدا من شفتيه ولكن كانت كخنجر قطع ماتبقى من فؤادي المكلوم من
والدته ... صُعقت غضبت حزنت سكت اسقطت ظهري على المقعد التفت الطائرة بكل
مضيفيها وركابها في عيني احسست ان الطائرة تدور جميعها حولي
وصوتها كالصدى ينهر ابنها متحشرجا كانه يبكي : (فواز خلاص )
نادتني باسمي ... لا بل اسمت طفلها باسمي
صرخ اخوه مرة اخرى وهو يضربه : (فواز)
اسمي
انه اسمي
سمته باسمي
التفت عليها وهي تنظر بوجهي كانها تقول لي نعم اسمك نعم فشل زواجي وتزوج باخرى
لم
تغض عينها هذه المرة لانها تريد ان ارى الدمع بعينها لتسقط دمعتي من عيناي
التي ازدادت احمراراً عاد نظرها ولكن بين ركبتيها التي تغطيهما العباءة
ووضعت يدها بمقدمة رأسهاالمنحني للاسفل كالزهرة الذابلة
انحنى النسيان معها للذكرى
التفتُ ليسار المقعد حيث شباك الطائرة وجناحها
لا اريد احد ان يرى دمعي... مسحته
صمت كل من حولي لم اعد اسمع الا نبض قلبي وقلبها .........